عشتُ معاناة زوجة المُدمن في جو موبوء مأساويّ، لا أعلم ما الطريق الصائب الذي عليّ السير فيه، فمع سيطرة عادات وفِكر المُجتمع بالتحمُل من أجل طفلي، حتى لا أُصبح تلك المرأة التي يُطلق عليها “خربت بيتها بإديها”.. كُنت أقع في حيرة كهلة، وسأسرد لكُنّ تجربتي مع الزوج المُدمن من خلال موقعنا، وما رأيته من تجارب أخريات.

Lebanon Magazine

Lebanon Magazine News

معاناة زوجات المدمنين

إنّ زوجة المُدمن تحمل ما لا تحمله غيرها من النساء، فهي من يتطلب منها أن تُصبح المُعالجة، والمُمرضة، والسند المُشجع له للتوقف عن الإدمان.. علاوةً على ذلك الإهانة!

تزوجت منذُ عام ونصف بعد قصة حُب جمعتنا لست سنوات، قد جاء اليوم لننام على وسادة واحدة، ولكن لم أعلم أنها ستكون مأساة حياتي، فقد تعلمت كثيرًا من تجربتي مع الزوج المُدمن.

بدأ الأمر في شهر العسل، حينما استنشقت رائحة كريهة من زوجي، وحينما تساءلت عن مصدرها، أفصح لي عن فعلته، مُبررًا أن أصدقائُه هُم من أخبروه أنها مُساعدة في تلك الليلة.

أعلم أنها كذبة الشباب، ولكنني لم أكترث، ظننت أنها لمرة واحدة ولن تتكرر، فلأيام لم أُلحظ علامات مُريبة، ولكن حينما علِمت بخبر حملي، ولم أرَ الفرحة التي أراها في الأزواج في هذه اللحظة، تسلل القلق إلى قلبي.

كُنت أكثر مُلاحظة، ورأيت معه بين الحين والآخر سيجارة، حتى بدأ في تعنيفي لفظيًا، حتى اعترف ليّ، وقررنا سويًا أنني سأساعده بالابتعاد عنها، ولكن تبخرت وعودُه كعادة الرجال، أو أشباه الرجال إن صحَّ القول.

فقد كُنت أمنعهُ قدر الإمكان من الخروج؛ لأنني أعلم أنه سيعود مجددًا مع أصدقائِه لفعلته، لكنه كان يسيء ليّ بالألفاظ كثيرًا، أخطأ في حقي وحق عائلتي!

ذات يوم، ومع إصراري بعدم خروجه، دفعني بشدة حتى سقطت أرضًا وبدأت الدماء في الانتشار، فقد كان إدمانُه سببًا في خسارة طفلي الذي لم أرَه، وذهبت أحلامي في مهب الريح.

اتخذت حينها قرار الطلاق، فقد عانيت معه كثيرًا وتحملت الإساءة اللفظية، حتى انتهى به الأمر أن يقتل صغيري.. ولا أنصحكنّ بتكرار تجربتي، فاحذرن من العيش مع الزوج المُدمن، لاسيما ذاك الذي لا يرغب في إصلاح ذاته.

المحشش.. كائن لا يُطاق

معاناة زوجات المدمنين لم تكُنّ هينة، فها قد أصبح زوجي قاتلًا، وغيري من النساء تعرضن إلى أذى مُضْنِ.. فقد سردت امرأة لي تجربتها قائلة:

“تزوجتُ منذُ أربعة أعوام من حبيبي، بعد مُعاناة لسنوات في إقناع عائلتي بقرار الزواج، وكُنّا نعيش في حياة هادئة، ولكن ذات مرة وبعد اشتداد الخلاف بيننا تركت المنزل وعُدت إلى منزل أهلي.

في هذه الفترة، ومن شدة ضيقُه دفعه أصدقائُه إلى تجربة تعاطي الحشيش، على الرغم من أنها كانت مُجرد تجربة واحدة، لكن استتبعها تكرار لمرات حتى أصبح زوجي مُدمن حشيش.

حاول الإخفاء كثيرًا، ولكن في نهاية المطاف فقدّ السيطرة على نفسِه، وظهرت عليه الكثير من العلامات النفسية والجسدية تدريجيًا، وعلِمت أنها تُشير إلى إدمان الحشيش.

  • التهرب من المسؤولية.
  • اضطراب الرغبة الجنسية، ما بين الفتور، والارتفاع.
  • عدم القدرة على الاستيعاب سريعًا.
  • تغيّر النشاطات اليومية بشكل مُفاجئ.
  • قصور الذاكرة، واضطراب التركيز والانتباه.

حينما شعرت بذلك بعد ظهور الأعراض وواجهته.. أفصح لي بالحقيقة، وقررنا العلاج سويًا، أو ربما كان يقنعني بأنه سيخضع للعلاج بالفعل، ولكن الحقيقة لم تكُن كذلك.

فقد غاب التفاهم بيننا للحظة حتى بدأ يعنفني ضربًا، تحملت من أجل أطفالنا، حاولت معه كثيرًا حتى أصبحت أسرد لكُنّ تجربتي معه وأنا عاجزة عن السير، فقد كسرت قدماي لتعنيفُه الجسدي ليّ!”.

زوجي المدمن.. وتعامله المزاجي معنا

“أنا أُم لأربعة أطفال، ومُعلمة قديرة.. كُنت طموحة طوال حياتي حتى يصل نجاحي إلى ذروته، وكان زوجي مثلي تمامًا، رجُل طموح.. حتى انجرف في طريق الهلاك.

فزوجي دخل تحت طائلة الإدمان، ويُسيء مُعاملتي، ويُعاملني بعدم احترام أمام أصدقائي، وعائلتي، على هواه.. ويشك في تصرفاتي دائمًا حتى وصل إلى التفتيش في حقيبتي!

علاوةً على مُمارسته للجنس بطريقة شاذة ومُنهكة، وعلى الرغم من أنني كُنت أشعر بالنفور منه، لكن كُنت أُلبّي رغبته مرضاةً لله تعالى.

كُنت أتحمل ذلك حتى لا أُشتت أطفالي مع العيش دون أب، فأنا أعلم المُعاناة التي سيتعرضون لها، ولكنني أدركت أنها أهوّن من مُعاناتهِم مع أب مُدمن.

فلم يكتفِ بتعنيفي أنا فقط، بل أولاده أيضًا، كان يعتدي عليهم ضربًا بقسوة على الرغم من صغرهم.. فهذا الرباط الغليظ يعود بالضرر عليّ وعلى أطفالي.. فقررت فكه، وقد عشنّا حياة هادئة مُستقرة دونه”.

 

ما أقدر أصبر على زوجي المدمن

“لقد رزقني الله بزوج طيب القلب، رجُلٌ شهم، وشُجاع، على الرغم من أنه مُدمن، فإنني أُحبُه للغاية، ولكن الآن! أنا لا أستطيع التحمُل، فتارة أشعُر أنني أستحق حياة أفضل من هذه، وأحيان أُخرى أشعُر أنني لا أُريد أن أترُكه.

تحملت إهانة وتجريح أمام الآخرين، ولم يكُن كافيًا لإشباع حاجتي الجنسية، فقط لم يرَ سوى نفسِه، لكن في بعض الأحيان أشعُر أن طلاقنا خسارة، فأين سأجد من يكنّ لي هذا الحُب أيضًا؟

حينما أرى التعاسة التي احتلت حياتي، يأتي ليُرضي قلبي بأنه سيبدأ في التعافي، لكن لم تأتِ تلك الخطوة مُطلقًا، حتى فقدت صبري، فللصبر حدود.. ولا أعلم ماذا أفعل حتى الآن.

إنني سقطت أرضًا بين جدارين! عدم القدرة على الفراق والتخلص من الإهانة، وقلبي الذي يكنّ له الحُب والرغبة.

زوجة المدمن.. معاناة تستدعي طلب الطلاق

قابلت الكثير من التجارب لمعاناة زوجات المدمنين، فمنهنّ من استطعن قطع هذا الرباط، وعدم تقبُل الإهانة، وغيرهِن من يقعن في حيرة، تتقبل الواقع من أجل الأطفال.

لكنها ستضعف، ستنجرف هي الأخرى لتتحول إلى مُدمنة، أو تاجرة مُخدرات، لذا عليها الفرار، واقعيًا ليس عليها التحمُل للإهانة، فسُرعان ما ستتحول إلى تعنيف جسدي ولفظي!

فالزوجة ليس لها الهوان والاستسلام، فما إن فشلت تلك التجربة مع زوج مدمن فهي ليست نهاية العالم، سيعوضها الله عما رأت وتحملت في زوجٍ آخر صالح.. لذا يسوغ لها طلب الفراق.

كذلك من رأي الدين، فلا يجوز للمُسلمة أن تستمر مع زوجها المُدمن، الذي بالطبع تارك للصلاة.. فهو في منزلة الكافر؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: “بين العبد وبين الكفر ترك الصلاة“.

أمّا إن كانت تخشى من طلب الطلاق من أجل حضانة الأولاد، ففي نظر القاضي يرى ما هو الأصلح، فلا يُقرر بسكنِها مع من لا يصونُها ولا يصلح أبًا لأطفالها.

إنّ المُخدرات ابتلاء من الله تعالى، وعلى الزوجة التي ابتلاها الله في زوجها الصبر، وأن تكُن سندًا له حتى نهاية مطاف الحلول، حتى لا تجد سوى الضرر النفسي الواقع عليها..

 

Leave a Comment

Scroll to Top