ابراهيم حمودة…. كان نجم الأربعينيات والخمسينيات، بل كان فتى الشاشة الأول الذي تهتم الفتيات والسيدات بمشاهدة كل أدواره الجديدة، وظل يغني حتى سن الخمسين، وصوته كان من أجمل وأحلى الأصوات، حيث كان يمتلك حنجرة ذهبية، والذي كان منافساً بقوة لموسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب، من حيث الجماهيرية الغنائية في أربعينيات القرن الماضي.
ولكن رغم ذلك لم يعرف عنه الإعلام بالقدر الذي ينبغي لواحد من أهم مطربي مصر وأحسنهم صوتاً، فقد اختفى تماماً منتصف الستينيات من القرن العشرين، بعد إصابته بحادث سير بمدينة الإسكندرية، وأدى العلاج الخاطئ إثر الحادث إلى إصابته بشلل، ومات في منتصف الثمانينيات بالسرطان، حتى أنك لتدهش حين تعلم أنه لا يوجد له إلا لقاء وحيد مسجل مع التلفزيون المصري، قبيل وفاته بفترة قصيرة.
ولذلك في السطور القادمة “زمان بوست” ستعرفك اكثر عن اهم المحطات الفنية في حياة ومسيرة الفنان ابراهيم حمودة.
ولد الفنان ابراهيم حمودة في الثالث عشر من شهر اغسطس لعام 1913 في حي باب الشعرية بمحافظة القاهرة وتأثر بأبيه المنشد الديني بجامع الخازندار، وانضم مع أبيه فى فرقته الإنشادية.
ثم التحق بمعهد الإذاعة العربية ثم بمدرسة فن الاستعراض. تتلمذ على يد محمد عبدالوهاب، كما تتلمذ على يد مصطفى رضا وغنى فى الملاهى وتنقل بين المسارح والكازينوهات وأشهرها «بديعة مصابنى»، مثّل فى أوبريت “شهرزاد” عام 1946 وقامت بالبطولة أمامه رجاء عبده وعقيلة راتب إخراج زكى طليمات، وكذلك أوبريت “الفلاحة” وأوبريت “الأميرة روشتارة”.
وقد غنى الفنان إبراهيم حمودة جميع الألوان الغنائية حتي وصلت إلى 450 أغنية، ومثل الأوبريت والقصيدة والطقطوقة والأناشيد والأغاني الدينية والوطنية والعاطفية والبدوية وأغاني الأفراح فهو مطرب شامل بكل المقاييس.
ومن أشهر أغانيه “حسدوني الناس، اكتب لنا ياقاضي” كما غنى اغنية “بلادى بلادى” بصوته بعد الثورة، وغنى لبورسعيد بعد العدوان الثلاثي أغنية (يا بورسعيد يا اسماعيلية جهادكم رمز الوطنية).
اتجه الفنان ابراهيم حمودة إلى التمثيل في السينما عندما اختاره الفنان يوسف وهبى للغناء عام 1935 في فيلم “الدفاع” كأول عمل سينمائي له، وكان عمره 23 عاما، لتعجب بصوته أم كلثوم، وتعرض عليه الغناء معها فى دويتوهات فيلم “عايدة” عام 1942 حيث قام بدور العاشق لها، ويشاركها بطولة الفيلم لإيمانها بصوته وقدراته الغنائية.
فشاركها دويتو “فضلت أخبي هوايا”، وغناء أوبرا “عايدة” إلا أن الفيلم لم يحقق الجماهيرية المنتظرة، فأرجعت أم كلثوم هذا الفشل إلى إبراهيم حمودة بعد ان أقنعها الملحن محمد القصبجى بذلك، فقاطعته حتى رحيلها.
قام بعد ذلك بالتمثيل والغناء في 20 فيلما، منها: “الحموات الفاتنات، شهداء الغرام، نور الدين والبحارة الثلاثة، حنان، الصبر طيب، قصة غرام، معروف الاسكافي، كلام الناس، فتاة السيرك، ليلي بنت الصحراء” ثم آخر أفلامه “العلمين” عام 1965.
وكانت آخر أعماله الفنية عندما قدمه التليفزيون في برنامج عن مطربين زمان حيث قدم عددًا من أغنياته التي اشتهر بها.
اقرا ايضا..شافية احمد.. من اصول سودانية ولقبت بـ “مطربة الزهور”، تحدت اعاقة النظر بصوتها وغنت “الجوز الخيل والعربية” و”الليلة الكبيرة”
فى عدد نادر من مجلة الكواكب صدر عام 1954، نشرت المجلة موضوعا بعنوان “غناء على رصاص الصعيد”، ذكرت فيه عددا من المواقف الصعبة التى تعرض لها مطربى الزمن الجميل فى بداياتهم أثناء إحيائهم لبعض الافراح وخاصة فى الصعيد.
وكان من بين هؤلاء المطربين الفنان إبراهيم حمودة والذى حكى للمجلة عن موقف صعب تعرض له خلال فترة الحرب العالمية الثانية، حيث اعتاد أن يذهب لإحياء الأفراح ومعه كمامة تحسبا للغارات الجوية التى عانت مصر والكثير من دول العالم منها ومن أثارها وغازاتها خلال هذه الفترة.
وأشار إبراهيم حمودة إلى أنه ذهب لإحياء أحد الأفراح وأثناء انسجامه فى الغناء أعلنت صفارات الإنذار وقوع غارة جوية فأطفئت الأنوار وسارع إبراهيم حمودة لارتداء كمامته وجرى الجميع إلى اقرب مخبأ للاحتماء من الغارة حتى أعلنت صفارات الأمان انتهاء الغارة الجوية وتم استئناف الحفل.
ولكن عاد حمودة وهو يرتدى الكمامة وأصر على عدم خلعها رغم محاولات صاحب الفرح إقناعه بأن الغارة انتهت وعليه أن يخلعها، ولكنه أصر أن يغنى وهو يرتديها خشية ان تقع غارة مفاجئة فلا يستطيع ارتداء الكمامة بسرعة.
في أواخر الستينيات، أصيب الفنان إبراهيم حمودة في حادث بالإسكندرية سبب له عجزا في القدم؛ مما أثر على حالته النفسية فاعتزل الفن، وأمر الرئيس الراحل جمال عبد الناصر بعلاجه في الخارج وكرمه السادات بصرف معاش 100 جنيه له، ومنحه جائزة الدولة التقديرية عام 1978.
حتي رحل عن عالمنا في السادس عشر من شهر يناير لعام 1986 بعد صراع مع مرض سرطان الرئة عن عمر يناهز الثالثة والسبعين عاماً، ويقال ان له ابنة واحدة فقط تدعي “ميرفت”.
You must be logged in to post a comment.