صبح البشكنجية _ الجارية التي تحولت إلى سيدة تدير الأندلس صبح البشكنجية.
الجارية التي حكمت الأندلس من خلال ابنها الصبي ثم تسببت في انقلاب عليه، عشقت الحاجب فانقلب عليها وسلب الحكم من ابنها، الجارية التي تحولت إلى سيدة تدير الأندلس صبح البشكنجية.
صبح والخليفة الحكم المستنصر
صبح هي جارية بشكنجية من مملكة نافار الإسبانية، وصبح أو صبيحة هي ترجمة لكلمة Aurora ومعناها الفجر أو الصباح وهو الاسم المسيحي الذي كانت تحمله صبح.
وصلت صبح الى بلاط قرطبة في أوائل عهد الخليفة الحَكَم المستنصر، ومن غير المعروف كيف وصلت إلى البلاط القرطبي.
شغف الحكم بها وأغدق عليها حبه وعطفه، وما هي إلا فترة حتى استأثرت لديه بكل نفوذ ورأي. وازداد نفوذها بشكل أكبر عندما أنجبت له أول أولاده عبد الرحمن الذي توفي صغيرا. وهشام الذي حكم بعد والده تحت وصاية صبح.
كانت صبح تتمتع بنفوذ كبير في البلاط، وكان الحَكَم يثق برأيها، ويستمع لها في الكثير من الشؤون. كما كان لرأيها تأثيرٌ في تعيين الوزراء ورجال الحكم.
وكان الحاجب جعفر بن عثمان المصحفي يجتهد في خدمتها وإرضائها، ويستأثر لديها ولدى الحكم بنفوذ كبير.
صبح ومحمد بن أبي عامر
تزايد نفوذ صبح في بلاط قرطبة، حتى ظهر الشاب الذكي محمد بن أبي عامر الذي حظي على اعجاب صبح نظراً لما يتمتع به من ذكاء وطموح.
فاختارته حينما أراد الحكم أن يعين مشرفاً لإدارة أملاك ولدها عبد الرحمن وبعد وفاة عبد الرحمن أصبح مشرفا على املاك هشام.
وقد تمكن محمد بن أبي عامر من الصعود بسرعة في وظائف الدولة وشغل الكثير من المناصب بفضل مهاراته وذكائه. والسبب الرئيسي في تقدمه هذا عطف صبح وحمايتها له والتي سرعان ما تحوّلت إلى شغفٍ وولعٍ.
صبح ووصايتها على عرش الخلافة
عندما توفي الخليفة الحكم المستنصر كان ولي عهده وابنه هشام ما زال في الثانية عشرة من عمره، الأمر الذي استوجب وجود وصي على عرشه.
تولت صبح الوصاية على ابنها، بمساعدة من الحاجب جعفر بن عثمان المصحفي وحليفها صاحب الشرطة ورجل الدولة القوي محمد بن أبي عامر.
بعد أيام من تسلم هشام الحكم أصدر مرسومًا بتعيين جعفر المصحفي حاجبًا وترقية ابن أبي عامر لرتبة الوزارة.
كانت العلاقات بين صبح وابن أبي عامر في توطد مستمر، حتى أصبحت فضيحة تناقلتها الألسنة، ودارت حولها الأناشيد والأشعار الشعبية.
وقد مكنت صبح محمد بن أبي عامر من تولي كل سلطة وكل أمر، الأمر الذي ساعد ابن أبي عامر على إزاحة منافسيه على السلطة الواحد تلو الآخر.
انقلاب محمد بن أبي عامر على صبح البشكنجية وابنها الخليقة
بعد أن ازداد نفوذ ابن أبي عامر ازدادت شهرته في الأندلس خصوصاً بعد انتصارات عدة حققها على الممالك الإسبانية.
وتمكنه من إزاحة جميع منافسيه الواحد تلو الآخر وفي مقدمتهم جعفر بن عثمان المصحفي الذي قام بذجه بالسجن وحجز على جميع أملاكه حتى انتهى به الأمر مقتولا في السجن.
بدأ ابن عامر يظهر أطماعه ، وانقلب على صبح وابنها الخليقة بأن حجر على الخليفة الصبي ولم يسمح لأحد بمخالطته.
ومنعه من الخروج من القصر بدون أذنه وإن خرج من القصر ألبسه بُرنسًا فلا يُعرف. وأحاطه بالجند ليمنع العامة من الوصول إليه. ثم قام ببناء سورًا وحفر خندقًا حول قصر الخلافة، ليحكم حجره على الخليفة.
بعد كل هذه التطورات بدأت صبح تدرك خطورة الأحداث على عرش ولدها، لكن كان قد فات الأوان حيث أن محمد بن أبي عامر قد جعل في يده كل السلطات.
ولم تعد صبح قادرة على مواجهته مواجهة مباشرة، لذلك راحت تشيع بين العامة أن ابن أبي عامر يسجن الخليفة ويحكم رغمًا عنه ويغتصب سلطته.
ثم قامت بتأليب القائد غالب عليه من جهة، و قامت بمراسلة زيري بن عطية حاكم المغرب الأقصى لنصرة ولدها، وأرسلت أموالا اليه ليجهز جيشه ويعبر إلى الأندلس.
تنبه ابن أبي عامر لذلك، فقام أولاً برفع يدها عن أموال خزائن القصر الخليفي التي كانت تقوم بتهريبها بواسطة فتيانها.
فأرسل ابن أبي عامر ابنه عبد الملك بقوة وجمع من العلماء والوزراء إلى قصر الخلافة بقرطبة. وخاطب الخليفة هشام في أمر الأموال التي تهربها والدته. وطلب أن تنقل كل الأموال من قصر الزهراء إلى قصر الزاهرة.
رضوخ صبح البشكنجية لمصيرها ووفاتها
فشلت جميع محاولات صبح البشكنجية في استرجاع ملك ابنها الأموي والتغلب على سطوة ابن أبي عامر. لذلك اعتزلت ورضخت للمصير الذي آل إليه ولدها. بعد أن ساهمت بنفسها في صنع ذلك المصير عن طريق وضع ثقتها العمياء بابن أبي عامر. وتوفيت السيدة صبح أم المؤيد هشام قبيل وفاة ابن أبي عامر وكان ذلك في حوالي سنة 390 هـ.
لمزيد من المقالات
————————————————————————————————————-