متابعة -زهراء خليفة
من المعروف أن أدمغة الأطفال الصغار تتصرف مثل “الإسفنج” ، حيث تمتص كل ما يرونه ويسمعونه ويشعرون به. نعلم أيضًا أن لديهم قدرة مذهلة على تعلم مهارات جديدة بشكل أسرع من البالغين،لكن ما هو العلم وراء هذا ؟
إن التجارب اليومية للطفل الصغير التي تعتمد على مقدار وجودة الرعاية والتحفيز والتفاعل الذي يتلقاه في سنواته الأولى، هي التي تحدد الروابط الدماغية التي تتطور وستستمر مدى الحياة.
فرصة حتى سن الخامسة
يذكر موقع “فييرست ثينغس فيرست” (Firstthingsfirst)، أنه منذ الولادة وحتى سن الخامسة، يتطور دماغ الطفل بسرعة أكثر من أي وقت آخر في الحياة. ويكون متوسط دماغ الطفل عند الولادة حوالي ربع حجم دماغ الشخص البالغ، حيث إن الدماغ البشري يعد العضو الوحيد الذي لم يتطور بشكل كامل عند الولادة. ويتضاعف حجم الدماغ في السنة الأولى من عمر الطفل، ويستمر في النمو إلى حوالي 80% من حجم دماغ البالغين بعمر الثالثة، ويكتمل نموه بنسبة 90% بحلول سن الخامسة.
كما تعد فترة ما بين الولادة وسن الخامسة “فترة حرجة” للأطفال، لأنه خلال هذه السنوات المبكرة يكون دماغ الطفل الصغير أكثر انشغالا من دماغ الكبار فهو يتعلم باستمرار ويكتشف أفضل طريقة للتعامل مع أي موقف معين. وهذا كله مرتبط بالتفاعلات من حوله.
يقول ديبي رافنسكروفت، المحاضر في جامعة تشيستر في المملكة المتحدة لموقع “لايف ساينس” (Live Science) العلمي، إن هذه القدرة على التعلم بسرعة مرتبطة بعدة مجالات، بما في ذلك المرونة والتجارب مع البالغين وبيئتهم ودافعهم البيولوجي للاستكشاف.
الرضع واكتساب اللغة
وأشار رافنسكروفت إلى أن اكتساب اللغة على وجه الخصوص هو مجال يتمتع فيه الأطفال غالبًا بميزة كبيرة على البالغين. ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى “قدرة الأطفال على التكيف مع الإيقاعات والأصوات المستخدمة في لغتهم الأم ، حتى يصبحوا قادرين على التحدث بطلاقة في سن الرابعة”. يمكن أن تساعد هذه القدرة الأطفال الصغار على تعلم لغة ثانية أو ثالثة بسهولة بالغة.
في ورقة بحثية نُشرت في أبريل 2022 في مجلة Perspectives in Psychological Science ، لاحظ المؤلفون أن “الأطفال يولدون وهم يرون ويسمعون المعلومات اللغوية التي يفتقدها الأطفال الأكبر سنًا والبالغون ، وبمرور الوقت ومع زيادة الخبرة ، يفقدون هذه القدرة بسبب بيئة.
أهمية التجارب اليومية للطفل المولود
أوضح البحث العلمي أن جودة تجارب الطفل في السنوات القليلة الأولى من الحياة، إيجابية كانت أم سلبية، تساعد في تشكيل كيفية تطور عقولهم، هذا بالرغم من أن الجينات تلعب دورا مهما في ذلك أيضا. وتؤثر هذه التجارب بشكل دائم على صحتهم وقدرتهم على التعلم والنجاح في المدرسة وفي الحياة.
لذا، فإنه رغم تمتع الأطفال بالقدرة على التعلم بسرعة، فإنهم سيجدون تحديات إذا لم يتم دعمهم جيدا من قبل البالغين الذين يهتمون ويتعاطفون والذين يشكلون بيئتهم وتجاربهم. مع العلم أن أفضل وقت للتعلم هو في “أقرب وقت ممكن”.
القراءة أيضا توفر للطفل تجربة رائعة ومشتركة للترابط بالإضافة إلى توفير حب اللغة وضمان إجراء الاتصالات في الدماغ مبكرا.
ومن المهم كذلك التحدث والغناء والقراءة واللعب مع الأطفال الصغار منذ يوم ولادتهم، لمنحهم الفرص لاستكشاف عالمهم المادي مع توفير بيئات آمنة ومستقرة وراعية لهم كذلك.