سنة أولى في اليابان

 

وصلت الى كوكب اليابان في شهر فبراير ، فكانت اول انطباعاتي هي البرودة الشديدة التي لم اعتدها. ففي اليابان الفصول الاربعة تراها و تستشعرها كما درسناها في مناهجنا الدراسية و لكل فصل جماله الأخّاذ. فصيفها حار يتخلله موسم الامطار التي ينمو معها الأرز، و خريفها يغري العين بألوانها الأخاذة قبل ان تتساقط في فصل الشتاء حيث البرودة التي يتوسطها سقوط الثلوج التي تكسو الجبال بلون ابيض مبهج.ليذوب الثلج استقبالا للربيع بتفتح زهور اشجار الساكورا و كأنما الثلج يودعنا بتلك الأزهار.

و بينما تتنوع الفصول ، تتشابه طبائع اليابانيين بين الأدب الظاهر و الأخلاق التي توحي لك أن ذلك المجتمع يحكمه دين سماوي ! كانت تلك صدمة حضارية فلم أعي أنذاك أنّ لشعب أن يكون بذلك المستوى من الأخلاق مالم يحكمه دين إلهي، و ذهبت إلى القراءة و التعمق في سلوك الشعوب و قراءة ديني إلى أن فهمت أن سلوك المسلمين لا يعبّر عن الإسلام و أن إنتاج شعب خلوق يتطلب اسلوبا تعليما يعتمد تلك الاخلاق منذ السنوات الدراسية الأولى.لقد اعتمدت وزارة التعليم اليابانية غرس الاخلاق في المناهج التعليمية ، تلك الاخلاقيات المستقاة من تعاليم البوذية. بذور متشابهة المعاني و متساوية المقدار خلال المراحل الاولى من التعليم لتنتج اطفالاً هم نواة لمواطنين صالحين. أذهلتني تلك المعاني قبل أن تطول اقامتي لأكتشف أشياء أخرى لك تسرني.

من عادات اليابانيين التي لم اعتد عليها بسهولة هي عادة الانحناء عند التحية أو الاعتذار. فالانحناء البسيط هو للتحية و كلما زاد كان للإعتذار حتى يصل الى وضع السجود في بعض المواقف.
نتاج أول سنة عشتها في اليابان كان أن عليا أن أتغير ، أتقبّل تلك الثقافة التي كانت مبهرة في البداية و لم أكن أعي أن بها الكثير مما سيؤلمني لاحقاً. و لكن الحنين كان دائماً لبلد ربيت به و به أحبابي و فيه ذكرياتي ..

د. دعاء زاهر

دكتوارة في إدارة المعرفة

 

لمزيد من المقالات 

منوعات

أخبار الفن العربي

LIBERTY MAGAZINE

————————————————————————————————————-

Leave a Reply

Scroll to Top