عند ضيق التنفس وتقييد الحركة.. هل يجوز خلع النقاب؟

عند ضيق التنفس وتقييد الحركة.. هل يجوز خلع النقاب؟

 

إن الدين الإسلام دين يُسر لا عُسر، فثمَّ’ ضوابط شرعية حول ارتداء الحجاب كونها فريضة إن خلفتها تكون آثمة، لكن ماذا عما ورد في حُكم النقاب؟ إن كان يعيقها أو يُسبب لها ضررًا صحيًا تتركه؟ هذا ما يعيننا ذكره تفصيلًا من خلال موقعنا.

 

حكم خلع النقاب لضيق التنفس

بادئ ذي بدء نذكر أن النقاب لا يعد واجبًا على المرأة كالحجاب، فالأصل في الحكم أن من لا ترتدي النقاب لا إثم عليها، وقد أشارت الإفتاء أن خلع النقاب ليس بحرام، لأنه لا يعد من الفروض أو الواجبات على المرأة.

من هنا تبين لنا أن الأصل في الحكم أنه مباحًا، فما بال إن كان هناك من الضرر العائد على المرأة عند ارتدائها إياه؟ لربما يزيد من الحكم ثبوتًا ويكون الأولى لها أن تخلعه، لأن الشريعة لم تنص على شيء يحمل من الضرر أو الهلاك للمسلم.

من الناحية الطبية، نذكر أن النقاب يجعل من التنفس أمرًا عسيرًا، حيث إن وجود القماش في منطقة الفم أو الأنف من شأنه أن يجعل البكتيريا تتراكم، علاوةً على تراكم الغبار، والمرأة تستنشق هذا الغبار فيستتبع إصابتها بمشكلات شتى في الجهاز التنفسي، وما يعزز الإصابة حال معاناتها من أزمة صدرية، فيكون النقاب حاجبًا للأكسجين اللازم للتنفس.

على أن النقاب في جانب آخر يعمل على إعادة استنشاق ثاني أكسيد الكربون، فلا يجعله يخرج كاملًا بسبب ضيق الفتحة السفلية، من هنا ينتج ضيق التنفس.

ما ذكرناه لا يُعتد به في الحالات كافتها، فربما لا تعاني منتقبة من أي أضرار للنقاب، أما عمن تعاني من تلك الأضرار خصيصًا ضيق التنفس، هي من لها أن تخلعه ولا جناح عليها في ذلك.

قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: “قضَى أن لا ضررَ ولا ضِرارَ” (صحيح)، من هنا يتبين لنا أن تلك هي القاعدة الشرعية، فالمرأة عليها أن تلتزم بالحجاب الشرعي فحسب، فإن وجدت أن هناك ضرر جليّ على صحتها فالأحرى بها أن تخلعه لدفع هذا الضرر.

كفارة خلع النقاب دون سبب

لا يوجد في النقاب حكم مكلف للمرأة، فمن أرادت أن ترتديه لها ذلك طالما لا يؤدي بها إلى الضرر في صحتها، خاصةً فيما يتعلق بالتنفس أو الإضرار بالنظر، كما ذكرنا سلفًا.

من هنا ليس لخلع النقاب كفارة حتى وإن كان دون سبب واضح، فإنه بناءً على حكمه بكونه ليس واجبًا، لا يوجد كفارة على مخالفته.. لكن على من خلعت النقاب أن تلتزم بالهيئة الشرعية للحجاب.

هل يؤثر النقاب على العيون؟

في حالة كانت فتحة النقاب ضيقة تكون حافته على حافة الرمش بشكل مباشر، الأمر الذي يؤدي إلى اتجاه الرموش إلى القرنية فيؤثر على مسارها سلبًا.

طبيًا، لا يجب أن تلامس الرموش القرنية، لأن تلك المنطقة حساسة للغاية، ووجود حافة النقاب بالقرب منها من شأنه أن يتسبب في جروح بالغة، الأمر الذي يستتبع التأثير السلبي على النظر.

من ناحية الشرع، علمنا سلفًا أن النقاب ليس بفرض، إنما هو فضيلة، فما يجعله مناسبًا لدرء الفتنة أن تكون المرأة فاتنة الجمال.. هذا الأمر ليس من الشيوع أن يحدث.

على أن الزي الشرعي للمرأة أن يكون لباسها ساترًا غير الوجه والكفين، بألا يصف ولا يشف ما تحته، ولا يكون به تشبهًا بما يرتدي الرجال، علاوةً على ضرورة أن يكون فضفاضًا لا يلفت الأنظار فلا يكون زينة في نفسه.

فقد قال الله تعالى في سورة النور: وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ۖ وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ ۖ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَىٰ عَوْرَاتِ النِّسَاءِ ۖ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ ۚ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (31)”.

حكم ارتداء النقاب في الحج

تناولنا حكم خلع النقاب عند ضيق التنفس، وربما يعتري امرأة منتقبة سؤالًا عن حال نقابها إن هي ذهبت لأداء فريضة الحج، فقد أجمع الفقهاء على أن المرأة يجب أن تكشف وجهها ويديها عند الطواف ببيت الله الحرام، حتى يتسنى لها تأدية مناسك الحج، لأن هذا هو الإحرام.

استنادًا إلى الحديث الشريف عن عبد الله بن عمر –رضي الله عنه- قال عن الرسول –صلى الله عليه وسلم-: قامَ رَجُلٌ فقالَ: يا رَسولَ اللَّهِ، ماذَا تَأْمُرُنَا أنْ نَلْبَسَ مِنَ الثِّيَابِ في الإحْرَامِ؟ فَقالَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: لا تَلْبَسُوا القَمِيصَ، ولَا السَّرَاوِيلَاتِ، ولَا العَمَائِمَ، ولَا البَرَانِسَ، إلَّا أنْ يَكونَ أحَدٌ ليسَتْ له نَعْلَانِ، فَلْيَلْبَسِ الخُفَّيْنِ، ولْيَقْطَعْ أسْفَلَ مِنَ الكَعْبَيْنِ، ولَا تَلْبَسُوا شيئًا مَسَّهُ زَعْفَرَانٌ، ولَا الوَرْسُ، ولَا تَنْتَقِبِ المَرْأَةُ المُحْرِمَةُ، ولَا تَلْبَسِ القُفَّازَيْنِ. [وفي رواية:] ولَا ورْسٌ. وكانَ يقولُ: لا تَتَنَقَّبِ المُحْرِمَةُ، ولَا تَلْبَسِ القُفَّازَيْنِ. [وفي رواية:] عَنِ ابْنِ عُمَرَ: لا تَتَنَقَّبِ المُحْرِمَةُ” (صحيح البخاري).

حكم ارتداء النقاب دون موافقة الزوج

إن المرأة ليس لها أن ترتدي النقاب دون إذن زوجها، لأنه ليس واجبًا وهذا متفقٌ عليه، ففي مثل تلك الأمور عليها أن تأخذ برأي زوجها.. لأنها عليها طاعته، أما عن ارتداء النقاب فليس له ضرورة أو طاعة.

إنما الطاعة في الحجاب بمواصفاته الشرعية، مع العلم أن المرأة تثاب إن هي استزادت في طاعتها لله، وإن ارتدت النقاب لنية صادقة، لكننا هنا نشير إلى الأحرى والأجدر.

فكما هو الحال بصدد الزوج، لا يجوز له أن يُجبر زوجته على ارتداء النقاب، فإن كان يقنع به عليه انتقاء من ترتديه بالفعل، لضمان التفاهم والمعاملة بود وإحسان، حرصًا على استقرار علاقتهما معًا.

إن الشريعة الإسلامية من السماحة واليسر ما تجلى في الأحكام الفقهية خاصة التي تتعلق بالمرأة، فالحلال بيّن والحرام بيّن، ولها أن تدرك ما لها وما عليها حتى لا تقع في طائلة الإثم.

 

لمزيد من المقالات 

المرأة

LIBERTY MAGAZINE

————————————————————————————————————-

Leave a Reply

Scroll to Top