ثنائي القطب مرض مزمن قد يؤدي لجنون العظمة والانتحار

قالت الدكتورة نور الإبراهيم، الاستشارية النفسية في مستشفى الملك فهد الجامعي بالخبر، التابع لجامعة الإمام عبد الرحمن بن فيصل، من مرض ثنائي القطب المصحوب بحالتي الاكتئاب والهوس، يمكن أن يؤدي إلى انتحار المريض أو إصابته بجنون العظمة. ورأت أن التنويم هو الإجراء الأنسب للمريض، لما يشكله وجوده في المنزل من مخاطر عليه وعلى أفراد أسرته.

وعرّفت الإبراهيم، في حوار مع “اليوم”، المرض بأنه يعتبر من الأمراض المزمنة، إذ تتكرر التقلبات في النوبات المزاجية مرات عدة في العام بالنسبة للمصاب بحسب شده الحالة، مشيرة إلى وجود 4 أنواع من النوبات المصاحبة للمرض، تتراوح بين نوبات الاكتئاب، ونوبات الهوس، ونوبات الهوس الخفيف، إضافة إلى النوبات المختلطة.

مرض مزمن

• بداية ما هو مرض ثنائي القطب؟

ثنائي القطب bipolar disorder هو اضطراب في المزاج يتسبب بحدوث نوبات وتقلبات شديدة بين الانخفاضات (الاكتئاب) والارتفاعات (الهوس)، ومن حيث العلامات والأعراض وطرق التشخيص، يعتبر الاضطراب الوجداني ثنائي القطب من الأمراض المزمنة، إذ تتكرر تقلبات النوبات المزاجية عدة مرات في العام بالنسبة للمصاب حسب شدة الحالة، وهذه التقلبات قد تكون نوبة اكتئاب حاد أو هوس أو هوس خفيف ويعود بعدها المريض إلى طبيعته.

نوبات ثنائي القطب

• ما أنواع النوبات المصاحبة للمرض؟

هاك 4 أنواع على الأقل من النوبات وتشمل: نوبة الاكتئاب حيث يعاني المريض من انخفاض شديد في المزاج، مع فقدان الشعور بالمتعة والاهتمام، وشعور بالحزن واليأس لمدة تزيد عن أسبوعين متواصلين، الأمر الذي يؤثر على النوم بشكل كبير، زيادة أو نقصان كما يؤثر على الشهية ما يتسبب بتغيير في الوزن.

وعادة ما يكون الاكتئاب مصحوبًا بالخمول وقلة الطاقة البدنية، مع صعوبة في التركيز حتى في أمور الحياة البسيطة، ما يؤثر سلبًا على الذاكرة ومن الأعراض المصاحبة أيضًا كثرة الأفكار السلبية من فقدان الأمل والشعور بالعجز والذنب المبالغ فيه، وجميع هذه الأعراض قد تؤثر سلبًا على رغبة الإنسان في بالحياة وتمني الموت، وقد يصل الأمر في بعض الأحيان إلى أفكار قد تؤدي إلى الانتحار.

نوبة الهوس

النوع الثاني هو نوبة الهوس وهي عكس الاكتئاب، بحيث يحدث ارتفاع في المزاج، أو ما يعرف بالفرح الشديد والابتهاج غير الطبيعي، أو سرعة في الغضب مع عصبية شديدة، عادة ما تكون مصحوبة بالشعور بالطاقة الغامرة وقلة الرغبة في النوم وازدياد الثقة بالنفس، قد تصل إلى ما يعرف بجنون العظمة.

ومن ضمن الأعراض لهذا النوع أيضًا هو كثرة الكلام والحركة والرغبة في الانخراط بنشاطات قد تكون متهورة واندفاعية تؤثر سلبًا على حياة الإنسان، والصرف غير المبرر للمال، القيادة المتهورة وتخطي الإشارات الحمراء، وتعاطي المواد المحظورة المخدرة، إذ يكون المريض وقتها غير قادر على اتخاذ القرارات الصحيحة في معظم الاحيان، وغير قادر على مزاولة وظيفته أو الاهتمام بنفسه وعائلته، وقد تصاحب نوبات الهوس، هلاوس سمعية أو ضلالات ذهانية.

الهوس الخفيف

أما فيما يتعلق بنوبات الهوس الخفيف فهي نفس أعراض نوبات الهوس تقريبًا، إلا أنها تكون خفيفة في الشدة ولا تستدعي التنويم ولا تكون مصاحبة لأعراض ذهنية، وقد يتمكن الشخص من مزاولة وظيفته أو دراسته إلى حد ما مع بعض التحفظات، وتستمر هذه الأعراض لمدة 4 أيام أو أكثر.

النوبات المختلطة

وفيما يتعلق بالنوبات المختلطة فهى تعني أن المريض يعاني أعراضًا اكتئابية وأعراض الهوس في نفس اليوم.

• ما الأسباب التي تؤدي إلى الإصابة بمرض ثنائي القطب؟

في الحقيقة هناك مجموعة من الأسباب تؤدي إلى هذا المرض، إلا أن هناك 5 أسباب بيولوجية تتسبب في تخبط الموصلات العصبية بالدماغ السيراتونين والدوبامين وغيرهما، وأسباب وراثية تلعب الجينات الوراثية دورًا كبيرًا ومهمًا في حدوث المرض، وأسباب اجتماعية: مثل التعرض للضغوط الاجتماعية والمادية، إضافة إلى سمات الشخصية التي قد تساهم في ظهور المرض.

ويعد تعاطي المواد المخدرة والممنوعة: مثل الحشيش والكبتاجون والكحول وغيرها أحد أسباب الإصابة بالمرض. فيما تتسبب عدد من الأمراض العضوية مثل التهابات الجهاز العصبي، وأورام الدماغ، والتعرض لضربة شديدة في المخ في الإصابة بثنائي القطب.

اضطراب وجداني

• ما هي أنواع الاضطراب الوجداني؟

تختلف أنواع الاضطراب الوجداني، بحسب أنواع النوبات التي تصيب المريض وعمومًا هناك نوعان، الأول: نوبة هوس مع وجود أو عدم وجود نوبة اكتئاب، والثاني: نوبة هوس خفيفة مع وجود نوبة اكتئاب .

• هل صحيح أن ثنائي القطب يصيب الفئة شديدة الذكاء؟

هذا غير صحيح، الاضطراب الوجداني (ثنائي القطب)، قد يصيب أي شخص سواء امرأة أو رجل في جميع الفئات العمرية وفي جميع الطبقات الاجتماعية وجميع مستويات الذكاء، وبالتالي فإنه ليس مختصًا بفئات من المجتمع دون أخرى.

• هل هناك إحصاءات عن أعداد المصابين والفئات العمرية؟

نعم هناك إحصاءات تشير إلى أن معدل انتشار المرض خلال الحياة يتراوح ما بين صفر إلى ٢,٤% تقريبًا، ولا توجد فئه عمرية يصيبها المرض أكثر من غيرها، إذ يحدث المرض في أي فئة عمرية بين 5 سنوات و50 سنة، وبمعدل عمري 30 عامًا.

علاج مرض ثنائي القطب

• هل يوجد علاج محدد لمرض ثنائي القطب؟

يختلف العلاج بحسب اختلاف الحالة، فقد يحتاج المريض إلى العلاجات الدوائية متمثلة بمثبتات المزاج ومضادات الذهن، وقد يحتاج الأمر إلى دعم نفسي وعلاج معرفي سلوكي من قبل الإخصائي النفسي، وكذلك مشاركة الإخصائي الاجتماعي لمساعدة المريض على تخطي أي ظروف اجتماعية صعبة يواجهها، وإذا كان يوجد خطر على حياة المريض أو من هم حوله، فلا بد من تنويمه في قسم الطب النفسي لحمايته وحماية أفراد أسرته.

• هل هناك نصائح لطريقة التعامل مع هذا المرض والمصابين به؟

مريض الاضطراب الوجداني يعود بين النوبات المرضية إلى حياته الطبيعية ويعاود نشاطاته بشكل طبيعي، إلا أن تعرضه للضغوط الشديدة والانتقادات المستمرة وعدم التفهم من المجتمع، قد يؤدي إلى الدخول في نوبات هوس أو اكتئاب، ليصبح لديه صعوبة في التركيز حتى في أمور الحياة البسيطة، نتيجة التأثير سلبًا على الذاكرة، وهنا أريد أن أنبه إلى هذا الجانب. لأن تهيئة الظروف المناسبة للمريض والبعيدة عن التشنج والضغوط تمثل عاملًا مهمًا في تخفيف النوبات ومخاطرها.

وعند ارتفاع حدة الأعراض سيكون هناك خطر كبير على المريض، إذ تكثر لديه الأفكار السلبية وفقدان الأمل والشعور بالعجز والذنب المبالغ فيه، الأمر الذي يؤثر سلبا على رغبة المريض في الحياة ما يدفعه ربما إلى التفكير بالانتحار، ولذلك أرى أن الحل الأمثل في هذه الحالة هو التنويم، لأن بقاء المريض في المنزل يشكل خطراً عليه وعلى أسرته والمحيطين به.